عندما كنتُ طفلة، كنت أعرف "أخوتًا" يقطن حيّنا. كان كل الأطفال يخافون منه ولا زلتُ أذكر كيف كان قلبي يخفق بشدّة كلما اضطررت للمرور من أمام منزله.
لم يكن يفهمه أحد، كان كبيرًا، ولكن والدته كانت تعامله كالطفل الصغير. اعتقدتُ بعقلي الطفولي حينها، أنها الوحيدة التي تتجرأ على الاقتراب منه، وربما كنتُ محقّة.
هذا "الأخوت" كان ببساطة من أشخاص التوحد. نحن فقط لم نكن نعرف، فلم نتقبل وشعرنا بالخوف مما نجهل. أهله ربما لم يكونوا يعرفون ذلك أيضًا فلم يدخل مدرسة أو مركزًا يقدم له الرعاية اللازمة، وبقي جالسًا على قارعة الطريق يخاف منه الأولاد وتتراجع قدراته شيئًا فشيئًا. وربما وأنت تقرأ كلماتي الآن، تستحضر في ذاكرتك "أخوتًا" ما تعرّفت إليه في طفولتك.
في الثاني من نيسان من كل عام، يحتفل العالم بيوم التوعية حول التوحد. ويطالبُ أشخاص التوحد المجتمع بأن لا يسعى إلى "تصحيحهم" أو "علاجهم" وبأن يتقبل اختلافهم. حتى أن اسم هذا اليوم قد تم تغييره إلى يوم "تقبّل" التوحد.
رغم ذلك كله، لا يزال في كل حيّ "أخوتٌ" يخاف منه الأطفال ويمتنع الشباب عن التقدم لخطبة أخواته. ولا يزال هناك من يخفي تشخيص طفله خوفًا من العيب وكلام الناس. ولا يزال هناك من يشفق على أهالي أطفال التوحد أو ربما يقصيهم مع أطفالهم من المجتمع، وذلك لأنه وبكل بساطة، لا يعرف..
حسنًا، إليكم الحقيقة:
أطفال التوحّد ليسوا جميعًا من ذوي التأخر العقلي.
يكبرون ويتعلمون وينجحون وربما يدخلون الجامعات ويكتبون الكتب.
أطفال التوحد يصبحون أشخاصًا مستقلّين.
لا يصاب الأطفال بالتوحد بسبب التلفاز أو بسبب لقاح ما، كما أنها ليست لعنة على الطفل ولا على أهله وليست صيبة عين.
أطفال التوحد هم أطفال قبل كل شيء.
وأشخاص التوحد هم أفراد من المجتمع متساوون مع الجميع بحقوقهم وواجباتهم قبل كل شيء.
يكفي أن تعرف هذه الحقائق وتقتنع بها كي لا يبقى للـ "خوت" وجودٌ في مجتمعاتنا.
وإذا أردت أن تعرف أكثر، راجع مطويّة التوحد وشارك بدورك في "توعية" مجتمعك على "تقبُّل" التوحد.
يمكنك مشاركة هذا المنشور!